فصل: بَابُ ميْراثِ الحَمْلِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه



.بابُ ميْراثِ المفقُودِ:

مَنْ سافَرَ عَنْ أهلِهِ وخَفيَ خبرُهُ فلَم يُعلَمْ حالُهُ فلا يَخْلو سَفرُهُ أنْ يَكونَ غالِبُهُ السَّلامةَ أو الهَلاكَ، فإنْ كانَ غالِبُهُ السَّلامةَ مِثلُ: أنْ يَخرُجَ في تِجارَةٍ أو ليتَزَهَّدَ ويَسيْحَ في الأرضِ، ثمَّ خَفِيَ خبَرُهُ، فإنهُ يُنتَظَرُ تَمامَ تِسعِينَ سَنَةً مِنْ يَومِ ولِدَ في أشْهَرِ الرِّوايَتينِ، والأخْرى قَالَ: يُنتَظَرُ بِهِ أبَدَاً، فَلمْ يُقَدِّرِ المدَّةَ وجعَلَ ذلكَ إلى اجتِهادِ الحاكِمِ رَواها عَنهُ جَعفرُ بْنُ مُحَمَّدٍ النسائيُّ، وإنْ كانَ غَالِبُ سَفرِهِ الهلاكَ مِثلَ: أنْ يَركبَ في البَحرِ فتَغرَقَ السفِينَةُ، ويَسلَمَ قومٌ ويَهلكَ قَومٌ، أو يَكونَ مُجاهِداً فيُقتلَ قومٌ ويُسلِمَ قومٌ آخرونَ وما أشبَهَ ذلكَ، فإنَّ الأثرمَ نَقلَ عنهُ إذا أمَرْتَ امرأتَهُ أنْ تتَزوجَ قَسَمتْ مالَهُ بينَ وَرَثَتِهِ، وقدِ اختُلِفَ عَنهُ في مِقدارِ تلكَ المدَّةِ، فَنَقَلَ حَنبلٌ والكوسَجُ تتَرَبَّصُ زَوجَتُهُ أربعَ سِنينَ أكَثَرَ مُدَّةِ الحَملِ وأربعةَ أشْهرٍ وعَشْراً. عِدَّةُ الوفَاةِ، ثمَّ تَحِلُّ للأزْواجِ ونَقلَ عَنهُ أبو الحارثِ كُنتُ أقولُ إذا تَربَّصَتْ أربعَ سِنينَ واعتَدَّتْ أربعةَ أشهرٍ وعَشراً تُزَوَّجُ وقدْ ارتَبْتُ فِيها اليَومَ وهَبْتُ الجَوابَ لِما قدِ اختَلفَ النَّاسُ وكَأنِّي أُحِبُ السَّلامةَ، وظَاهِرُ هَذا أنَّها تَبقَى إلى أنْ تَتَيقَّنَ مَوتَهُ، وقدْ ذَكرنَا أنَّهُ إلى اجْتِهادِ الحاكمِ، أو إلى أنْ تَمضيَ تِسعونَ سَنةً على اخْتِلافِ الرِّوايَتَينِ، فَعَلى هَذا إذا مَاتَ للمَفقُودِ مَنْ يَرِثُهُ في مُدَّةِ غَيْبَتِهِ دُفِعَ إلى كُلِّ وارِثٍ أقَلُّ ما يُصِيبُهُ ووُقِفَ نَصيبُ المفْقُودِ حتى يُعلَمَ حَالُهُ، فإنْ عُلِمَ أنهُ كانَ حَيَّاً يَومَ مَاتَ مُوَرِّثُهُ جُعِلَ للمَفقُودِ نَصِيبُهُ مِمَّا أُوقِفَ، فإنْ بَقيَ شَيءٌ رُدَّ على مَنْ يَستَحِقُهُ مِنْ وَرَثَةِ الميِّتِ، وإنْ بَانَ أنَّهُ كانَ مَيِّتاً يَومَ مَاتَ مُورِّثُهُ أو كَانتِ المدَّةُ قدْ مَضتْ رُدَّ الموقُوفُ على ورَثَةِ الميِّتِ الأولِ دُونَ ورَثَةِ المفْقودِ، وطريْقُ عَمَلِ ذلكَ أنْ تُصَحَّحَ المسألَةُ على أنَّ المفقُودَ حَيٌّ، ثمَّ تُصحِّحَها على أنهُ ميِّتٌ، ثمَّ تَنظُرَ ما صَحَّتْ مِنهُ المسألتَانِ، فإنَّهُ لا يَخلُو مِنْ أربَعةِ أحْوالٍ: إمَّا أنْ تَكونَ المسْألتانِ مُتَماثِلتَينِ فَتَجزيَ إحْدَاهُما عَنِ الأُخْرى ويُجْعَلَ لِكُلِّ وارِثٍ أقَلُّ مَا يُتَيَقَنُ أنهُ يَرِثُهُ وتُوقِفُ الباقِي. أو تَكوَن المسألتانِ مُتَناسِبتَينِ فَتَجزي بأكْثَرهِما سِهامَاً عَنِ الأخْرَى، وتَجعَلَ لِكلِّ وارِثٍ اليَقِينَ، وتُوقِفُ البَاقي.
أو تَكونَ المسْألَتانِ مُتَباينَتَينِ فَتَضرِبَ إحْدَاهُما في الأخْرَى، فَمَا ارْتَفعَ فَمِنهُ تَصِحُّ المسْألَتانِ، ثمَّ تَضْرِبُ سِهامَ كُلِّ وارِثٍ مِنْ إحْدَى المسْألتَينِ في الأخْرَى، وسِهَامَهُ مِنَ الثَّانِيةِ في الأولَى، ثمَّ تُعْطِيهِ أقَلَّ الأمْرينِ وتُوقِفُ البَاقيَ.
أو تَكونَ إحْدَى المسْألتَيِن مُوافِقَةً للأخْرَى فَتَضرِبَ وَفْقَ إحدَاهُما في جَميعِ الأخْرَى. فَما بَلَغَ فَمنْهُ تَصِحُّ، ثمَّ تَضْرِبَ سِهَامَ كُلِّ وارِثٍ في إحْدَى المسْألَتينِ، في وَفْقِ الأخْرَى، ثمَّ تَدْفعُ إليْهِ أقَلَّ الأمرَينِ وتُوقِفُ البَاقيَ، فإنْ كانَ في الوَرَثَةِ الأحْياءِ مَنْ يَرِثُ مِنْ إحْدَى المسْألَتينِ دُونَ الأخْرَى، فَلا تُعْطِهِ شَيْئاً، وإنْ كانَ المفْقُودُ لا يَرِثُ لَكنَّهُ يَحْجِبُ بَعضَ الوَرَثَةَ، فاحْجِبْ بِهِ، واعْمَلْ في المسْائِلِ على ما تَقدَّمَ وإنْ كانَ في المسْألَةِ مَفقُودَانِ احْتَجْتَ إلى عَملِ أرْبعِ مَسائَلَ، وإنْ كَانوا ثَلاثةً احْتَجْتَ إلى عَملِ ثَمانِ مَسائِلَ وعلى هَذا التَّرتِيبِ يَتضَاعَفُ عَددُ المسائِلِ كما ذُكِرَ في بابِ الخُنَاثَى ويَجوزُ لِوَرثَةِ الميِّتِ أنْ يَصطَلِحونَ على الفَاضِلِ عَنْ نَصيبِ المفْقودِ مِنَ الموْقوفِ ولَيسَ لَهُمْ أنْ يَصطَلِحونَ على ما وقِفَ للمَفْقودِ، وحُكْمُ الأسيْرِ إذا لمْ يُعْلَمْ بِحالِهِ حُكْمُ المفْقودِ.

.بَابُ مِيْراثِ القَاتِلِ:

القَاتِلُ بِغَيرِ حَقٍّ لا يَرِثُ مِنَ المَقْتُوِل سَواءً كَانَ قَتْلُهُ عَمْدَاً أو خَطَأً أو شِبْهَ الخَطَأِ كالقَتل بالتَّسَبُّبِ مِثْلُ أنْ يَحفِرَ بِئْراً أو يَنصِبَ سِكِّيْناً أو يُخرِجَ ظُلَّةً إلى الطَّريْقِ فَيُهلِكَ بِهِ مُورِّثَهُ ولا فَرْقَ بينَ أنْ يَكونَ القَاتِلُ مُكَلَّفاً أو غَيرَ مُكَلَّفٍ كالصَّبيِّ والمجْنُونِ، فأمَّا القَتْلُ بِحَقٍّ مِثلَ: أنْ يَثْبتَ عَليهِ قِصَاصٌ باعْتِرافِهِ أو بِبَيِّنَةٍ فَيأمُرَهُ الحَاكِمُ بِقَتْلهِ فَيَقْتُلَهُ أو يَكونَ إمَاماً فَيثْبِتَ عَقْدُهُ إيَّاهُ فَيقتُلَهُ بِذلكَ فإنَّهُ يَرِثُهُ في أصَحِّ الرِوايَتَينِ. ونَقَلَ صالِحٌ وعبدُ اللهِ عَنْ أحمَدَ لا يَرِثُ العَادِلُ الباغِيَ، ولا الباغِي العَادِلَ، وظَاهِرُ هَذا أنَّ كُلَّ قَاتِلٍ يُحرَمُ الإرْثَ وإنْ كانَ قَتْلُهُ بِحقٍ، ولا فَرقَ بينَ الدِّيَّةِ وبَقيَّةِ أمْوالِهِ، فأمَّا دُيونُ المقْتولِ ووصَايَاهُ فَهَلْ تُؤخَذُ مِنْ دِيَّتهِ؟ على رِوايَتَينِ:
إحْدَاهُما الدِيَّةُ تَحدُثُ على مُلكِ المقْتُولِ فَيقْضِيا مِنْهَا دُيونَهُ وتُنَفَّذُ وصَايَاهُ.
والثانِيةُ: أنَّها تَحدُثُ على مُلكِ الورَثَةِ فلا يَقْضي مِنْها دُيُونَهُ، ولا تُنَفَّذُ وصَاياهُ.
وقال شَيْخُنا: تُقْضى مِنْها دُيونهُ على الرِّوايَتَينِ ولا تُنَفَّذُ وصَاياهُ.

.بَابُ ميْراثِ الحَمْلِ:

إذا ماتَ الإنْسانُ وتَرَكَ حَمْلاً يَرِثُهُ وطَالَبَ بَقيَّةُ الورَثَةِ بالقِسْمةِ، نَظرْتَ، فإنْ كانَ الحَمْلُ يُسقِطُ الورَثةَ أو بَعضَهمْ في حَالٍ فلا يُعْطُونَ شَيئَاً حتى يَتَبيَّنَ حَالُهُ، وإنْ كانَ في الورَثَةِ مَنْ لا يَحجُبُهُ الحَملُ عَنْ شَيءٍ كالجَدَّةِ وكالزَّوجَةِ، إذا كانَ للميِّتِ ولَدٌ أو ولدُ ابْنٍ دَفعَ إليهِ ميْراثَهُ، إذْ لا فَائِدَةَ في إيقَافِهِ، وإنْ كانَ فِيهِمْ مَنْ يُنقِضُ الحمْلُ مِيْراثَهُ إذا وُلِدَ حيَّاً دَفعَ إليْهِمْ أقَلَّ ما يَتَيقَنُ أنَّهمْ يَستَحِقُّونَهُ بَعدَ أنْ يُوقِفَ الحَمْلُ مِيْراثَ ذَكَرينِ إنْ كانَ ميْراثُهُمْ أكثَرُ مِنْ ميْراثِ أنثَيينِ وإنْ كانَ ميْراثُ الإنَاثِ أكثَرَ مِنْ الذُّكورِ وُقِفَ لَهُ ميْراثُ أُنثَينِ، فإذا وُضِعَ الحَمْلُ دَفعْنا إليهِ ما يَستَحقُّهُ مِنَ الميْراثِ، فإنْ بَقِيَ شَيءٌ مِنَ الموقُوفِ رَدَدْتَهُ على مَنْ يَستَحقُّهُ مِنَ الورَثةِ.

.بابُ الاسْتِهْلالِ:

إذا اسْتَهَلَّ المولُودُ صَارِخَاً وَرِثَ، وفي مَعنى ذلكَ أنْ يَعطِسَ أو يَبكِيَ أو يَرتَضِعَ، فأمَّا الحرَكةُ والاختِلاجُ فلا يدلُ على الحياةِ.
فأمَّا إنْ ظَهرَ بَعضُهُ فاسْتَهَلَّ ثمَّ انْفَصلَ باقِيْهِ وقدْ ماتَ فَعلى رِوايَتَينِ: إحْدَاهُما: يَرِثُ، والأخْرى: لا يَرِثُ.
فإنْ ولَدَتِ المرأةُ تَوأمَينِ في بَطْنٍ فاسْتَهَلَّ أحَدُهُما ولمْ يُعْلَمْ مَنِ المُسْتَهِلُّ مِنهُما نَظرْنا، فإنْ كَانا ذَكرَينِ أو أُنْثَيينِ أو كَانا مِمَّنْ لا فَرقَ في مِيراثِهِ بينَ الذَّكَرِ والأنْثى كَولدِ الأمِّ لمْ يُحْتَجْ إلى مَعرفةِ المسْتَهِلِّ مِنْهُما وفَرضْتَ لأحَدِهِما فَرضَهُ، وإنْ كانَا ذَكَراً وأُنْثَى وحُكْمُ مِيْراثِهِما مُخْتَلفٌ قُرِعَ بَينَهُما بسَهْمِ ذَكَرٍ وسَهْمِ أُنْثَى فَمَنْ خَرجَ سَهْمُهُ حَكمْنا بأنَّهُ المُسْتَهِلُّ فأعْطيْناهُ مِيْراثَهُ.

.بَابُ التَّزويْجِ والطَّلاقِ في الصَّحَّةِ والمَرَضِ:

يَجُوزُ للصَّحِيحِ أنْ يَتزَوَّجَ أرْبَعَ نِسوَةٍ في عَقْدٍ واحِدٍ، وفي عُقُودٍ مُتفَرِّقةٍ. وكَذلكَ المرِيضُ سَواءٌ كَانَ مَرضُهُ مُخَوِّفاً أو غَيْرَ مُخَوِّفٍ. وكَذلكَ يَجُوزُ للمَرأةِ المرِيضَةِ أنْ تَتزَوَّجَ، وإذا مَاتَ أحَدُهُما وَرثَهُ الآخَرُ، فأمَّا إنْ تَزوَّجَ بأكثَرَ مِنْ أربَعِ نِسوةٍ في عَقْدٍ فالنُّكاحُ بَاطِلٌ، وإنْ كَانَ في عُقُودٍ بَطَلَ ما زَادَ على الأرْبَعِ، فإنْ لمْ يَعْلَمْ مَنْ صَاحِبَةَ العَقْدِ الزَّائِدِ أُخْرِجَتْ بالقُرعَةِ فأمَّا طَلاقُ الصَّحيحِ فإنْ كانَ بائِناً قَطَعَ الميْراثَ، وإنْ كانَ رَجْعيَّاً لمْ يَقطَعِ التَّوارُثَ ما دَامتِ المرْأةُ في العِدَّةِ، وكَذلكَ مَنْ مَرَضُهُ غَيْرُ مُخوِّفٍ فأمَّا الطَّلاقُ في المرَضِ المُخوِّفِ إذا تَعَقَّبَهُ الموتُ فلا يَقطَعُ التَّوارُثَ ما دَامَتِ المرْأةُ في العِدَّةِ، فإنِ انْقَضتِ العِدَّةُ ثمَّ ماتَ فَهلْ يَرثُهُ أمْ لا؟ فِيهِ رِوايَتَانِ عَنْ أحمَدَ، فإنْ تَزوَّجَتْ لمْ تَرِثْهُ، فإنْ سألَتْهُ الطَّلاقَ أو حَلَفَ عَليهَا أنْ لا تَفْعَلَ شَيْئاً ولَها بُدٌّ مِنْ فِعْلِهِ فَفَعَلَتْهُ في حَالِ مَرضِهِ فَهلْ تَرِثُهُ؟ عَلى رِوايَتَين: أصَحُّهُما أنْ لا تَرِثُهُ فإنْ حَلَفَ أنْ لا تَفْعلَ شَيئاً لا بُدُّ لَها مِنْ فِعْلِهِ كالصَّلاةِ والصِّيامِ فَفَعلَتْهُ وهُو مَريْضٌ وَرِثَتْهُ رِوايَةُ واحِدَةً، فإنْ كَانَ حِلْفَهَ على ذَلكَ في الصَّحَّةِ فَفَعلَتْهُ في المرَضِ فَهلْ تَرِثُهُ؟ عَلى رِوايَتينِ.
وإذا شُفِيَ مِنْ مَرْضَتِهِ التي حَلَفَ فِيهَا ثمَّ مَرَضَ ومَاتَ لمْ تَرِثْهُ.

.بابُ مِيراثِ المُعتَقِ بَعضُهُ والمُكَاتِبِ:

المُعتَقُ بَعضَهُ يَرِثُ ويُورِثُ عَلى مِقْدَارِ مَا فِيهِ مِنَ الحُرِّيَّةِ، وإنَّما يَتَصَوَّرُ ذَلكَ إذا أعْتَقَ الشَّريْكُ في العَبْدِ حَقَّهُ وهُو مُعْسِرٌ فيَصِيرُ حُرَّاً وبَاقِيهِ رَقِيقٌ للشَّرِيكِ، فإنْ تَراضَيا عَلى أنْ يَخدِمَهُ يَوماً ويَكتَسِبَ لِنَفْسِهِ يَومَاً جَازَ، وإنِ اكتَسبَ كُلَّ يَومٍ كانَ نِصفُ كَسبِهِ لِسيِّدِهِ ونِصفُهُ لهُ، وإذا مَاتَ ولهُ مَالٌ مِنْ ذَلكَ فَهوَ لِوَرَثَتِهِ المنَاسِبينَ فإذا عُدِموا فَهوَ لِمُعتِقِ نَصفِهِ، وإنْ ماتَ لهُ مَنْ يَرثُهُ ورِثَ مِنهُ ويُحجَبُ على قَدَرِ ما فِيهِ مِنَ الحُرِّيَّةِ وطَريقُ ذَلكَ أنْ تَنظُرَ ما لهُ مِنَ الحُرِّيَّةِ فَتُعطيَهُ منهُ بِقدرِ ما فيهِ مِنَ الحُرِّيَّةِ وتَنظُرَ مِقدارَ ما يَحجِبُ الوارِثَ مَعهُ بِحُرِّيَّةٍ تَامَةٍ فَتحجِبُهُ ببَعضِ حرِّيَّةٍ عَنْ مُلكِ ذَلكَ مِنَ المقْدارِ.
مِثالُهُ: بِنتٌ وأمٌّ نِصفُهمَا حُرٌّ وعَمٌّ حُرٌّ، للبِنتِ النِّصفُ بِحرِّيَّةٍ كَامِلةٍ فَلها نِصفُ ذَلكَ وهُو الرُّبْعُ بِنِصْفِ حُرِّيَّةٍ وللأم الُثلثُ مع رق البنت ولها السُدُس معَ حُريتهَا، فالحريةُ التَّامَّةُ حَجَبَها عن السُّدسِ. فَنصفُ حرِّيةٍ تحجبهَا عن نِصفِ السُّدسِ. وأقلُّ مَالهُ رُبُعٌ وَسُدسٌ وَنِصفُ سُدسٍ اثْنَا عَشَرَ فَمنهَا يَصحُّ للبنتِ ثلاثةٌ وللأمِّ ثلاثةٌ، وَالبَاقي وَهوَ ستةٌ للعمِّ ونرجعُ للاختصارِ إلى أربعةٍ: للبنتِ سهمٌ، وللأمِّ سهمٌ، وَللعمِّ سَهمَانِ، فإنْ تركَ الميتُ ابنينِ نصفُ كلُّ واحدٍ منهمَا حرٌ فهلْ تجمعُ الحريةُ فيهمَا؟ يحتملُ وجهينِ أحدُهمَا: أنهُ يُجمعُ كَما قَالَ فِيمَنْ أعتَقَ نِصفَي رَقَبتينِ في كفَّارَتِهِ تُجمعُ حريتُهما فَيَصيرُ كَأنَّه أعتَقَ رَقَبةً كَامِلَةً ذَكَرهُ الخِرَقي. وقَالَ أبو بَكرٍ: لا يُجزي نِصْفَي رَقَبتينِ في الكَفارَةِ فَعَلَى قَولِهِ لا تُجمعُ الحُرِّيةُ، وَيرِثُ كُلُّ وَاحدٍ بَقدرِ مَا فِيهِ مِنَ الحُريةِ، فإنِ اتفَقَ عَصَبتانِ يَحجِبُ أحدُهُما الآخَرُ كَابنٍ وابنِ ابنٍ وأخٍ وابنِ أخٍ نِصفُهما حُرٌ فَهلْ تُكمَّلُ فِيهما الحُرِّيةِ؟ الصَّحيحُ أنْ لا تُكمَّلَ، بلْ يُعطى الابنُ نِصفَ المَالِ، وابنُ الابنِ رُبُعَهُ، والبَاقِي لِلعَصبةِ لأنْ لَيسَ تُكْمُلُ الحُريةُ لِلابنِ بأولى مِن تَكمِيلِها لابنِ الابنِ، وتكميلُ الحُريةِ فِيهِما مُستَحيلٌ لأنَّ نِصفَها رقٌ فَكانَ الأولَى اعتِبارُ حالِ كُلِّ واحِدٍ مِنهُما بانْفِرادِهِ.
فأمَّا المُكاتَبُ فلا يَرثُ بِحالٍ مَا دَامَ في كِتَابتِهِ وَهلْ يُورَثُ إذا مَاتَ وخلَّفَ زيادةً عَلى مَالِ الكِتابَةِ؟ قَالَ في رِوايةِ ابنِ منصورِ وَغَيرِهِ: لا يورثُ ومَا خلَّفه لسيدِهِ، وقالَ في رِوايةِ حَربٍ يُؤدَّى مَالُ الكتابةِ مِن المَالِ ويُحكمُ بِعتقِهِ ويَكونُ الباقي لِوَرثَتِهِ وَهِيَ اختِيارُ أبي بَكرٍ وَعَبدِ العَزيزِ.

.بابُ الميراثِ بالولاءِ:

الميراثُ بالولاءِ عِندَ عَدمِ من يرثُ بِفرضٍ أو تَعصيبٍ مِنَ المُناسِبِينَ مُقدَّمٌ عَلَى المِيراثِ بِالرِّدِ وَعَلى ذَوِي الأرحَامِ، وكُلُّ مَن أنعَمَ على رَقيقٍ بِالعِتقِ مُتطوعاٌ أو دبَّرَهُ أو وَصَّى بِعتقهِ أو عَلَّقَ عِتقَهُُ بِصفةٍ فَلَهُ الوَلاءُ عَلَيهِ وَعَلَى أولادِهِ مِن زَوجَتِهِ معتقيهِ أو مِن أمَتهِ، وعلى مُعتِقيهِ وَمُعتِقِي أولادِهِ وأولادِهِم ومُعتقِهِم أبداً مَا تَناسَلوا، ثُم يَنتقِلُ ولاءُ السَّيدِ إلى عَصبَتِهِ مِن بَعدِهِ، فأمَّا مَن أعتَقَهُ سَائِبةً أو أعتَقَهُ في كَفَّارتِهِ أو نُذرِهِ أو زَكاتِهِ أو عَتقَ عليه بِالشَّريِ مِن ذَوي أَرحامِهِ فَيتَخرجُ فِيهِ رِوايَتانِ: إحداهُما: أنَّ الوِلايَةَ إيصاءٌ، والثانيةُ: يُصرفُ وَلاءهُم في رِقابِ يُشتَرونَ فَيُعتَقونَ. وإنْ كَاتَبَ عَبداً فَأدَّى إلى السيدِ فَولاءهُ لِلسَّيدِ، وإنْ أدَّى إلى وَرَثتِهِ فَعَلى رِوايَتينِ:
إحداهُما: يَكونُ الولاءُ لِمَنْ أدَّى إليهِ، فإنْ أدَّى البَعضُ إلى السيدِ والبَعضُ إلى الوَرثَةِ فَالولاءُ بَينَهُما عَلَى ذَلِكَ، وإذا مَاتَ عَن أمِّ وَلدِهِ عُتقتْ عليهِ مِن رأسِ المالِ ووَلاؤُها لَهُ وَلعَصَبتِهِ مِن بَعدِهِ، وإذا عَتقَ الإنسانُ عَبداً يُباينُهُ في دِينِهِ فَلهُ وَلاؤُهُ وَهلْ يَرثُ بِهِ؟ عَلَى رِوايَتينِ:
إحداهُما: يَرثُ بِهِ. والثَّانيةُ: لا يَرِثُ، كالنَّسبِ هُو ثَابتٌ ولا يَرثُ بِهِ مَعَ اختِلافِ الدِّينِ وَبيانُ ذَلكَ إذا أعتَقَ الكافِرُ عَبداً مُسلِماً ثُم مَاتَ المُعتِقُ وتَرَكَ مالاً وابنُ مَولاهُ كَافرٌ وعُمُّ مَولاهُ مُسلمٌ فَعَلى الروايةِ الأولَةِ المَالُ لابنِ مَولاهُ، وَعَلى الثَّانِيةِ: المَالُ لِعَمِّ مَولاهُ.
وإذا مَاتَ السَّيدُ قَبلَ المُعتِقِ وخَلَّفَ وَرثةً فَولاءُ العَبدِ باقٍ لِلسيدِ لا يَرثُهُ الورَثةُ وإنِّما يُورَّثونَ بِهِ كالنَّسبِ، وإذا مَاتَ المُعتِقُ بَعدَ السيدِ فَمَالُهُ لأقرَبِ عَصَبَاتِ السيدِ على ما بيَّنا مِن أقربِ العَصباتِ في مَسائلَ الصُّلبِ، وإذا مَاتَ وخلَّفَ ابنُ سَيدِهِ وابنَ ابنِ سَيدِهِ فالمَالُ لابنِ السَيدِ، وهَذا مَعنى قَولُهم الوَلاءُ لِلكَبيرِ وَنَقلَ حَنبلٌ أنَّ الولاءَ مَورُوثٌ كَما يُوَّرثُ المَالُ إلا أنه تَرثُهُ العَصباتُ دُونَ غَيرِهِمْ، فإذا مَاتَ المَولى عَنِ ابنَينِ فَماتَ أحدُ الابنَينِ عَنِ ابنٍ ثُم مَاتَ العَبدُ المُعتقُ كَانَ مَالُهُ بَينَ ابنِ المَولَى وابنِ ابنِهِ نِصفَينِ، والأول أصحُّ. ولا يَرثُ النِساءَ مِن الولاءِ إلا مَا أعتَقْنَ أو أعَتَقَ مَن أعتَقْنَ. وَنَقَلَ الخِرَقي عَنهُ في ابنِهِ المَولى خَاصَّةً أنَّها تَرِثُ مَعَ أخِيها. ولا يَرِثُ مِنَ الوَلاءِ ذُو فَرضٍ إلا الأبُ والجَدُّ فإنَّهُ يُورَثهُما مَعَ الابنِ وابنِ الابنِ السُدسُ. ولا يُباع الولاءُ ولا يُوهبُ ولا يُتصدَّقُ بِهِ وَلا يُورَثُ بِالمُوالاةِ وَالمُعاقَدةِ، وَكونِهِما مِن أهلِ الدُّيونِ في أصَحِّ الرِوايَتَينِ، وَعَنهُ نُقِلَ أنَّهُ ورَّثَ بِذلِكَ عِندَ عَدَمِ النَسبِ وَالولاءِ.

.بَابُ جَرِّ الولاءِ:

الولاءُ على ضَربَينِ: وَلاءٌ لا يَزولُ عَن مُستحقِه أبداً، وَهُو إذا بَاشَرَ الرَّجُلُ بِالعِتقِ رَقِيقاً كَانَ عَليهِ الوَلاءُ وعَلى أولادِهِ ومُعتِقيهِ لا يَزولُ عَنهُ أبداً، ولا يَنتقِلُ إلى مَولى أبِيهِ، فَلو مَاتَ المُعتِقُ وخلَّفَ عَصبةَ مَولاهُ، وإنْ بَعُدُوا وَمَوالي أبِيهِ فَمالِهِ لِعصبةِ مَولاهُ وإنِ انقَرَضتْ عَصبةُ مَولاهُ فَلمْ يَبقَ مِنهُم أحدٌ فَمالُهُ لِبيتِ المَالِ ولا ينتَقلُ وَلاؤُهُ إلى مَولى أبيهِ، ولو تَزوَّجَ عَبدٌ بِأمةٍ فَحَملتْ مِنهُ ثُم أعتقَ الأمةَ سيدُهَا في حَالِ كونِها حَامِلاً، فإنَّ حِملَها يَصيرُ حُراً وَولاؤُهُ لِسيدِ أُمِّهِ لا يَزولُ عَنهُ لأنَّهُ هو المُباشِرُ لَهُ بِالعِتقِ، وَكذلِكَ إنْ أعتَقَها وَهُوَ لا يَعلمُ فَأتتْ بِهِ لِدونِ سِتةِ أشهُرٍ كَانَ لَهُ ولاءُ ذَلِكَ الوَلدِ لا يَنجَرُّ عَنهُ ولا يَزولُ، فأمَّا إنْ أعتَقَها ولَم يَعلمْ بِالحملِ، وأتتْ بِالولدِ لأكثرَ مِن سِتةِ أشهُرٍ مِن وَقتِ تَلفَّظَ بِالعِتقِ كَانَ الولدُ حُراً أيضاً وكانَ وَلاؤُهُ لِمَولى أُمهِ تَبعاً لولاءِ أُمهِ، فإذا أعتَقَ العبدَ سيدُهُ انجرَّ وَلاءُ هَذَا الوَلدِ مِن مَوالي أمِّهِ إلى مَوالي أبيهِ، فإنْ لَم يَعتَقِ الأبَ وأعتَقَ جدَّهُمْ سَيدُهُ لَم يُنجرِّ الولاءُ إلى مَوالي الجَدِّ في أصحِّ الرِوايتَينِ. وَنَقَلَ الحسنُ بنُ ثَوابٍ عَنهُ أنهُ ينجُرُّ مِنْ مَوالي الأمِّ إلى مَوالي الجدِّ إذا مَاتَ الأبُ أو كانَ بِحَالِهِ رَقيقاً، فإنِ انقَرَضَ مَوالي الأبِ ومَوالي الجدِّ فإنَّهُ لا يَعودُ الولاءُ إلى مَوالي الأمِّ بِحالٍ بَعدَ انتِقالِهِ عَنهُمْ، ويَكونُ الولاءِ لجَماعَةِ المسلِمينَ.
وإذا تَزوجَ العَبدُ بِمُعتَقَةٍ لقَومٍ فَولَدتْ لهُ ابنَاً فهوَ حُرٌّ وولاؤُهُ لمَوالي أُمِّهِ فإنِ اشتَرى الابْنُ أباهُ عَتَقَ عليهِ ولهُ عليهِ وعَلى أوْلادِهِ مِنْ حرَّةِ مُعتِقِهِ وعَلى مُعتِقِيْهِ الولاءُ، فأمَّا ولاءُ هَذا الابنُ المُشتَري للأبِ فَهو بَاقٍ لمَوالي أُمِّهِ وَلا يَجُرُّهُ إلى نَفسِهِ لأنَّ الإنْسانَ لا يَصِحُّ أنْ يَكونَ مَولى نَفسِهِ كَما لا يَصِحُّ أنْ يَرِثَها ويَعقِلَ عَنها.

.بَابٌ في دُورِ الوَلاءِ:

إذا خَرَجَ مِنْ مَالِ مَيِّتٍ قِسْطٌ إلى ميِّتٍ آخَرَ بحُكمِ الولاءِ ثمَّ رَجعَ مِنْ ذَلكَ القِسطِ جُزءٌ إلى الميِّتِ الأولِ بُحكِم الولاءِ أيْضاً كانَ هَذا الجُزءُ الراجِعُ قدْ دَارَ بَينهُما فَما الحُكمُ فَيهِ؟ قَالَ شَيخُنا أبو يَعْلى في المُجَرَّدِ يَكونُ لبَيتِ المَالِ لأنَّهُ لا مُستَحِقَّ لهُ بِعلمِهِ فجُعِلَ في بَيتِ المَالِ. وقَالَ شَيخُنا أبو عبدِ اللهِ الوَنيُّ في كِتابِهِ المُفرَدِ لمَذهَبِ أحمدَ قِياسُ قَولِ أحمدَ أنْ يَكونَ هَذا السَّهمُ الدَّائِرُ مَردُودَاً عَلى مَوالي أُمِّ الميِّتِ ولا يَقعُ الدَّورُ في مَسألَةٍ حتى تَجتَمِعَ فيْها ثَلاثَةُ شُروطٍ:
الأولُ: أنْ يَكونَ المُعْتَقُ اثنَينِ فصَاعِداً.
والثَّاني: أنْ يَموتَ في المسْالَةِ اثنانِ فصَاعِداً.
والثَّالثِ: أنْ يَكونَ البَاقِي مِنهُمْ يُجَوِّزُ إرْثَ الميِّتِ قَبلَهُ.
ومِثالُ ذَلكَ: اثنتَانِ عَليهِما ولاءٌ لمَوالي أٌمِّهِما اشَترَيا أباهُما فَعَتَقَ عَليهِما بَينَهُما نِصفَينِ فالوَلاءُ بَينَهُما، للكُبْرى نِصفُ ولاءِ الأبِ، ونِصفُ ولاءِ الصُّغرَى بِجَرِّ الأبِ إليْها ذَلكَ، وللصُّغرَى كَذلكَ ويَبقَى نِصفُ ولاءِ كُلِّ واحِدَةٍ لمَوالي أُمِّها، فإنْ ماتَتِ الكُبرى ثمَّ ماتَ الأبُ بَعدَها فالأخْتُ الباقِيةُ تَستَحِقُّ تِسعَةَ أثمَانِ المَالِ، نِصفَهُ بمِيراثِ النَّسَبِ، ورُبعَهُ بكَونِها جَاءَ مَولاه نَصفَهُ والرُّبْعُ الباقي لمَوالي الميتَةِ وهُمْ أخْتهَا ومَوالي أُمِّها فيَكُونُ الرُّبْعُ بَينَهُما للأختِ الباقِيةِ نِصفَهُ وهوَ ثَمَنُ المالِ والثَّمنُ البَاقي لمَوالي الأمِّ فَصارَ للباقيةِ سَبعَةُ أثْمانِ المالِ ولمَوالي أُمِّها ثُمنُهُ، فإنْ مَاتتِ الأخْرَى وكانَ مالُها لمَواليْهَا وهُمْ أُختُها الصُّغْرى ومَوالي أُمِّها فَجُعِلَ مالُها الذِي أخَذَتهُ بالولاءِ مِنَ الصُّغرَى وهوَ النِّصفُ مَقسُومَاً بالسَّويَّةِ بَينَ الأخْرَى ومَوالي الأمِّ لمَوالي الأمِّ نِصفُهُ وهو الرُّبْعُ وللصُّغْرى نِصفُهُ وهوَ الرُّبْعُ فهَذا الرُّبعُ قَدْ خَرَجَ مِنْ مَالِ الصُّغْرى إلى مَوالي أختِها الكُبرى، ثمَّ عَادَ إليْها لأنَّها مَولاةٌ لنِصفِ أختِها، وهَذا هوَ الجُزْءُ الدَّائِرُ، فمَنْ جَعلَهُ لبَيتِ المالِ جَعلَ المسألَةَ مِنْ أربَعَةٍ، سَهمَانِ لمَوالي أمِّهَا وسَهمٌ لمَوالي أمِّ الكُبرى، وسَهمٌ لبَيتِ المالِ، ومَنْ جَعلَهُ لِمَوالي الأمِّ جَعلَ ثَلاثَةَ أربَاعِ المَالِ لمَوالي أمِّ الصُّغرَى ورُبْعَهُ لمَوالي أمِّ الكُبْرى.

.بابُ إذا أقَرَّ الورَثةُ بوارِثٍ يُشارِكُهُمْ في المِيْراثِ:

أمَّا الإقْرارُ بالمناسِبينَ ومَا يَثْبُتُ مِنْ ذَلكَ ومَا لا يَثبُتُ فَقدْ ذَكرْناهُ في كِتَابِ الإقْرارِ، ونَذكُرُها هُنا إذا أقرَّ الورَثَةُ بِوارِثٍ يُشارِكُهُمْ في الميْراثِ كَمْ يُعْطى؟ وكَيفِ طَريْقُ العَمَلِ في ذَلكَ؟ إذا أقرَّ الورَثَةُ في الظَّاهِرِ بِوارِثٍ للمَيِّتِ يَثبُتُ نَسَبُهُ مِنهُ، سَواءٌ كانُوا جمَاعةً أو واحِداً، وسَواءٌ كَانَ المُقَرَّ بهِ إذا ثَبتَ نَسَبُهُ يَسقُطُ المُقِرَّ أو لا يَسقُطُ، فأمَّا إذا اختَلفُوا فأقَرَّ بَعضُهُمْ بِوارِثٍ وأنْكَرهُ الآخَرُ لمْ يَثبُتْ نَسَبُهُ في المشْهُورِ مِنَ المذْهَبِ إلاَّ أنْ يَشهَدَ مِنْهُمْ عَدْلانِ أنهُ وُلِدَ عَلى فِراشِهِ، وأنَّ الميِّتَ أقَرَّ بِهِ، وإذا قُلنَا لا يَثبُتُ نَسَبُهُ وإنَّهُ يَستَحقُّ ما فَضَلَ في يَدِ المُقِرِّ بِهِ عَنْ مِيراثِهِ. فَطَريْقُ العَمَلِ أنْ تُصحَّحَ الفَريضَةُ عَلى الإنْكارِ ثمَّ تُصحِّحَها عَلى الإقْرارِ ثمَّ تَضرِبَ أحْدى الفَريضَتينِ في الأخْرى إنْ تَبايَنا وفي وَفقِهمَا إنْ تَوافَقا فمَا بَلغَ فمِنْهُ تصِحُّ المسائِلُ وكُلُّ مَنْ لهُ شَيءٌ مِنْ فَريضَةِ الإقْرارِ مَضرُوبٌ في فَريضَةِ الإنْكَارِ وفي وَفقِهَا ومَنْ لهُ شَيءٌ مِنْ فَريضَةِ الإنْكَارِ مَضرُوبٌ في فَريضَةِ الإقْرارِ وفي وَفقِهَا فَيُبَيِّنُ لكَ ما في يَدِ المُقِرِّ مِنَ الفَضلِ فَيُعطيهُ للمُقَرِّ لهُ.
مِثالُهُ: إذا خَلَّفَ ابنَينِ فاقتَسَما مَالَهُ فأقَرَّ أحَدُهُما بأخْتٍ مِنْ أبيهِ، وأنكَرَ الآخرُ نَقولُ فَريضَةُ الإقرَارِ مِنْ خَمسةٍ وفَريضَةُ الإنكَارِ مِنِ اثنَينِ تَضرِبُ إحْدى المسْألتَينِ في الأخرِى يَكُنْ عَشْرَةٌ للمُقِرِّ مِنْ فَريضَةِ الإقْرارِ سَهمَانِ في فَريضَةِ الإنكَارِ وهِي اثنَتانِ تَكُنْ أربَعةٌ، وللمُنْكِرِ مِنْ فَريضَةِ إنكَارِ سَهْمٌ في فَريَضِة الإقْرارِ تَكُنْ خَمسَةٌ فَقدْ بَانَ أنَّ الفَاضِلَ في يَدِ المُقِرِّ سَهْمٌ فَيَدفَعُهُ إلى الأخْتِ فإنْ لمْ يَكُنْ في يَدِ المقِرِّ فَضْلٌ عَنْ حَقِّهِ بَلْ كانَ الفَضلُ في يَدِ غَيرِهِ مِنَ الوَرثَةِ لمْ يَستَحِقَّ المُقِرِّ بِهِ عَليهِ شَيءٌ إذْ لَيسَ في يَدِهِ زِيادَةٌ عَلى مِيراثِهِ، ومتى أقَرَّ الوارث بوَارِثَينِ أو أكثَرَ بِكلامٍ واحِدٍ مُتَّصِلٍ ولا مُشارَكةٍ لهُ في الميراثِ فلا يَخلو أنْ يُصَدِّقَ بَعضُهُمْ بَعضَاً أو يَتَجاحَدوا، فإنِ اتَّفَقوا ثَبتَ نَسَبُ الجَميْعِ وإنْ اخْتَلفوا فأقَرَّ كُلُّ واحِدٍ مِنهُمْ بِذلكَ في حَقِّ نَفسِهِ وجَحَدَهُ في حَقِّ الذي أقَرَّ بهِ مَعهُ ثَبتَ نَسبُ الجمِيعِ ولمْ يلتَفت إلى تَجاحُدِهِمْ لأنَّ نَسَبهُمْ ثَبتَ في حَالةٍ واحِدَةٍ بِقولِ الوَارِثِ الثَّابِتِ النَّسَبِ قَبلهُمْ ويَحتَملُ أنْ لا يَثْبُتَ نَسَبُ واحِدٍ مِنهُمْ لأنَّهُ يَجعَلُ الإقْرارَ مِنْ جَميعِ الورَثَةِ فإنْ كانَ مَعَ المُقِرِّ الأوَّلِ شَريْكٌ في المِيْراثِ نَظَرنا فإنْ كَذَّبَهُ في الإقْرارِ لمْ يَثْبتِ النَّسَبُ وكانَ على المُقِرِّ أنْ يَدفَعَ ما فَضَلَ في يَدِهِ إلى المُقَرِّ بهِ، وإنْ صَدَّقَهُ شَريكُهُ فِيهِمْ دَفعَا الفاضِلَ في أيدِيهِما إلى المُقَرِّ بهِ وإنْ صَدَّقَهُ شَريكُهُ في بَعضِهِمْ دُونَ الآخَرِ ثَبتَ نَسَبُ مَنِ اتَّفَقا على الإقْرارِ بهِ ووفَّى حَقَّهُ، ودَفَعَ المقِرُّ إلى المُقَرِّ بهِ المُخْتَلَفِ فيهِ ما فَضَلَ في يَدِهِ عَنْ مِيراثِهِ.
مِثالُهُ: إذا تَرَكَ الرَّجُلُ ابْنَينِ زَيدَاً وعَمْراً فاقْتَسمَا مالَهُ بَينَهُما نِصفَينِ ثمَّ أقَرَّ زَيدٌ بأخَويْنِ مِنْ أبيْهِ بَكْرٌ وبِشْرٌ، فَصَدَّقَهُ عَمرٌو وفي بَكرٍ خَاصَةً، فَقَدْ ثَبَتَ نَسَبُ بَكرٍ لاتِّفَاقِ الوَرَثَةِ عَليهِ فَيأخُذُ ثُلُثَ المَالِ ويأخُذُ عُمَرٌو ثُلُثَهُ ويأخُذُ زَيدٌ رُبْعَهُ، وبِشْرٌ نِصفَ سُدُسِهِ وتَصِحُّ مِنِ اثْني عَشَرَ، وإنْ كانَ بَكْرٌ يُصَدِّقُ بِبِشرٍ، وبِشْرٌ يُصَدِّقُ بِبَكرٍ فإنَّ بَكْراً يأخُذُ مِنْ يَدِ زَيدٍ وعمرٍو رُبْعَ ما في أيدِيهِما فيَأخُذُ بِشْرٌ ثُلُثَ مَا بَقِيَ في يَدِ زَيدٍ، ويَصِحُّ مِنْ ثَمانِيَةٍ لِعَمرٍو ثَلاثَةٌ ولِزَيدٍ سَهمَانِ ولِبَكرٍ سَهمَانِ ولِبِشرٍ سَهْمٌ، فإنْ تَركَ الرَّجُلُ ابنَاً يُقالُ لهُ بكرٌ فَأقرَ بأَخٍُ يقالُ لهُ خالدٌ فإنهُ يَثبتُ نَسَبُهُ، ويُعطيهِ نِصفَ مَا في يدِهِ فَإنْ اقرَّ زيدٌ بعدهُ بأخٍ آخرَ يُقالُ لهُ عَمروٌ فإنَّهُ يُعطيهِ ثُلُثَ مَا في يدِهِ وهو سُدُسُ المالِ لأنه يقولُ: نحنُ ثَلاثَةٌ فلي ثُلُثُ المالِ ويفضُلُ في يدِي سُدُسٌ فيُسلّمُهُ إليهِ، فإن أَقرَّ بِأخٍ يُقالُ لهُ بشْرٌ أعطَاهُ رُبُعَ مَا في يدهِ ونِصفَ سُدُسِ المالِ، وإن أقر بآخَرَ أعطَاهُ خُمُسَ مَا في يَدِه وهو نِصفُ عُشرِ المَالِ وعَلَى هذا كُلَّمَا أقرّ بِأخٍ أعَطَاهُ مَا فَضَلَ في يدِهِ عَن مِيراثِهِ هَذَا إِذاَ كَانَ المقِرُ لم يكَذب بَعضُهُمْ بَعضَاً، فإن تَصَادَقُوا أَخَذَ كُلُّ واحدٍ ممَّن صَدَّقَ بهِ مَا فَضَلَ في يدِهِ. فإن خَلّفَ رجلٌ أخا لأِب وأخا لأمٍّ فَادَّعَى مَجهُولُ النَّسبِ أنهُ أخُ الميَّتِ لأبيهِ وأمِّهِ، فإن صَدَّقَاهُ أخَذَ مَا في يَدِ الأخِ مِن الأبِ ولم يأخُذ من يد الأخِ من الأمِّ شَيئاً، وإن صَدَّقَهُ الأخُ من الأمِّ وَكذَّبهُ الأخ من الأبِ لم يَستَحِقَّ شيئاً من المِيرَاثِ، وإن صَدَّقَهُ الأخ من الأبِ وكذَّبهُ الأخ من الأمِّ دَفَعَ إليهِ الأخُ من الأبِ نِصفَ مَا في يَدِهِ، وإذا قال مجهولُ النَّسبِ في يَدِيِ مالٌ لمجهولِ النَّسبِ مَاتَ أبي فَوَرِثتُ هَذَا المالَ وأنتَ أَخَيِ وابنَ أبي فَقالَ المقَرُّ بهِ أنا ابنُ هذا الميِّتِ ولستَ بِأخي لم يُقبلْ إنكارُهُ وقُسِمَ المالُ بَينَهُما بالسَّويةِ فإن قَالَ لهُ: مَاتَ أبوكَ وخلّفَ هذا المالَ وأنا أخوكَ، فقالَ: لَستَ بِأخي فَالمالُ كُلهُ للمُقَرِّ بهِ، فإن قَالَ لِرجلٍ:مَاتَتْ زَوجَتي فُلانةُ وأنتَ أخُوهَا تَرثُ نِصفَ المالِ، فقالَ الرجلُ المُقرُّ بهِ: أنا أخُوهَا ولَستَ بِزوجِها فالقَولُ قَولُ الأَخِ في أحَدِ الوَجهَينِ لأنَّ النكاحَ مما يمكنُ إقامةَ البَينةِ عَلَيهِ والوَجهُ الآخَرُ يَقتَسِمَانِ المالَ.

.بَابُ قِسمَةِ التَرِكَاتِ:

إذا كَانَتِ الترِكةُ مما يُكالُ ويوزنُ ويُذرعُ ويُعدُّ فالوَجهُ في القِسمةِ أن تُصحَّحَ المسَألةُ ثم تُضربَ سَهامُ كُلِّ وارثٍ في عَدَدِ التَركَةِ، فَمَا بَلغَ قَسمَتَهُ على سِهَامِ المسَألةِ، فَمَا خَرجَ بِالقَسمِ فهو نَصيبُهُ وإن شئِتَ أن تَقسِمَ التَركَةَ عَلَى ما صَحَّتْ مِنهُ المسَألةُ من السِهامِ، فَمَا خَرَجَ بالقَسمِ ضَرَبتهُ في سِهام كُلِّ وارثٍ فَمَا اجتمعَ فهو نصيبُهُ، فإن كَانَ بين المسألةِ والترِكةِ مُوافقةٌ أخَذَتَ وَفقَيهَا وعَمَلتَ فيهمَا على مَا ذَكَرنَاهُ من العَمل في أصليهِمَا، فإن كَانَتِ المسألِةُ من عَددٍ أصمًّ كَثَلاثَةَ عَشَرَ أو سَبعةَ عَشَرَ وتِسعةَ عَشَرَ وما أشبه ذلك من الأعداد المُفردةِ غير المُرَكَّبةِ والتَرِكةِ أقلَّ من ذَلِكَ أو أكَثَرَ، فاضرِب سِهامَ كُلِّ وارثٍ في التَرِكةِ، فَمَا بَلَغَ فَاقسِمهُ على المسألةِ، فإن بقِيَ ما لا يَبلغُ دِينَاراً فَابسطهُ قَرَاريطَ، بِأن تَضرِبَهُ في عِشرينَ ثمُ اقسمهُ على الفَريضَةِ فإن بقِيَ مالاً يبلغُ قيراطَاً فابسُطهُ حَبَّاتٍ، بأن تَضربَهُ في أَربَعَةٍ ثم تَقسمَهُ عَلى الفَريضَةِ فَمَا بقيَ فانسبهُ من أجزاءِ الأرزَّةِ، فإن كَانَ فَوقَ الدينارِ قيرَاطٌ أو حُبوبٌ أو أنصافُ حبُوبٍ قَسَّمتَ الصِّحَاحَ أولاً ثم بَسَّطتَ الكَسرَ من جِنسِ أقَلهِّا ثم ضَربتَ سِهَامَ كُلِّ وارثٍ في بَسطِ الكُسُورِ وقَسَّمتَ ذَلِكَ عَلَى المسألةِ على مَا بَينَّا، فإن كانتِ التركَةُ من الموزُونَاتِ بالأمنَانِ والأرطَالِ أو المكيلاَتِ كالحُبُوبِ فإن العَملَ فِيهَا كالعمَلِ في الدَّراهِمِ والدَّنَانِيرَ إلا أنَّكَ تجعلُ موَضِعَ الدِّينَارِ قَفِيزَاً أو مَناً، ومَوضِعَ القِيرَاطِ أوقيةً ومَكُوكَاً ومَوضِعَ الحبَّةِ رُبعَ أوقيةٍ وكَيلجَةٍ وَتَعمَلُ عَلَى مَا ذَكَرنَا مِن البَسطِ والقِسمةِ. وإن كَانتِ التَرِكَةُ عَقَارَاً أو حَيواناً أو شَيئاً مما لا يُقسمُ كالحَمَامِ والرُّخَا والعَبدِ فصححِ المسألةَ وانسِب سِهَامَ كُلِّ وارثٍ منها بِنصفٍ أو رُبعٍ أو خُمسٍ ومَا أشبهَ ذَلِكَ من الكسورِ، ثم انسب مثلَ ذلك من التركةِ، فإن كانتِ المسألةُ من عددٍ أصمٍّ لا ينتسبُ، فاجعل التركةَ كالدرهمِ، وأضرِب سِهامَ كل واحدٍ في حباتِ الدِّرهمِ: وهي ثمانيةٌ وأربَعَونَ، واقسِم ذلك على المسَألةِ فما خَرجَ من ذلِك كَان لهُ من العقارِ مثلَ نسبةِ ذلك من الدِّرهمِ.

.بابُ المجهولاتِ:

إذا كان في التركةِ شيءٌ تجهلُ قيمتُهُ فأخذَهُ بعضُ الوَرَثةِ بنصيبِهِ فإنكَ تُسقطُ سِهَامَ الوارثِ الذي أخَذَ المجهولَ من المسألةِ ثم تنُظرُ مَا بقيَ من المسألةِ فتجعلُهُ الجزءَ المقسومَ عَليهِ، ثم تعودُ فتضربُ سِهَامَ ذَلِكَ الوارثِ في معلوُمِ التَركَةِ فَمَا بَلغَ قسمتَهُ على ذَلِكَ الجُزءِ، فما خَرَجَ فهو نَصيبُهُ وهو قيمةُ المجهولِ، فإذا أردتَ امتحانَ ذلك ضَمَّمتَ ما خرجَ بالقسمِ إلى معلومِ التركَةِ ثم ضَربتَ سِهَامَهُ في جمَيعِ ذلكَ ثم قَسَمتَهُ على سِهَامِ الفريضَةِ فإن خَرجَ مثلُ الأولِ فقد صَحَّ العملُ وإلا عُدتَ فيهِ، وإن عَمِلتَ بالجبرِ والمقابلةِ قلتَ المجهولُ شيءٌ استحقَّهُ الوارثُ بقدرِ سهامِهِ من المسألةِ فيستحقُّ بقيةُ الوَرَثةِ بِبقيةِ سِهَامِهِم كَذَا وَكَذَا شَيئاً يجعلُ لكلِّ شيءٍ مِثلَ سِهَامِ من أخَذَ المجهولَ ثم تجَمعُ الأشياءَ التي حَصَلَت لِبقيةِ الورثةِ فتُقومُهَا بمعلُوم الترِكةِ فَمَا خَرجَ قيمةٌ كُلِّ شيءٍ علمتَ أنهُ قيمةُ المجهولِ.
فَصلٌ:
فإن أخَذَ أحدُ الورثةِ المجهولَ، وردَّ عَلَيهِم دَنَانيرَ فَضُمِّ الدنانيرَ التي رَدَّهَا إلى مَعلومِ التركةِ، ثم اضرِب سِهَامَ الوارثِ في جميعِ ذَلِكَ، فَمَا بَلَغَ فاقسمهُ على الجُزءِ فَمَا خَرَجَ فهو نَصيبُ الوارثِ فأضِف إليهِ ما رَدَّه عَلَى الوَرَثةِ من الدَّنانيرِ فما صَارَ فهو قيمةُ المجهولِ.
فصلٌ:
فإذا أخذَ الوارثُ المجهولَ، وَأخذَ مَعَهُ دنانيرَ فالقِ ما أخَذَ من العَينِ ثم اضرِب سِهَامَهُ في الباقي وَاقسِم ذلكَ على الجزُءِ فَمَا خَرجَ بالقَسمِ فهوَ نصيبهُ، فَالقِ مِنهُ الدنانيرَ التي أخذَهَا، وانظر مَا بقيَ فهو قيمةُ المجهولِ.
فصلٌ:
فإن كَانَ في الترِكَةِ مَجهُولاتٌ قيمَتُهَا سواءٌ، فَأخَذَ أَحَدُ الوَرَثةِ أحَدُ المجَهولين، فالقِهِ من التَركَة، وَألقِ الآخَرَ مَعَهُ وألقِ مِنَ المسألةِ سِهَامَ الوارثِ الذي أخَذَ المجهولَ، ومثلَ سِهَامِهِ، فما بقِي فهو الجزءُ المقسومَ عَلَيهِ، فاضرِب سِهَام الوارثِ في مَعلومِ الترِكَةِ واعمَل على ما ذَكَرنَا. وإن كَانَ هُناكَ أخذٌ أو ردٌّ فاعمَل فيهِ وفي المجهولِ الآخَرِ كَمَا تَقَدَّمَ، فإن كَانَ بين المجهولَينِ تفاضُلٌ في القسمَةِ فأضِف مِقدارَ التَفاضُلٌ إلى معلُومِ الترِكةِ حتى يَتَسَاوَى قيمةُ المجهولَينِ، واعمَل على مَا قَدَّمَنا مِن العملِ، فَإذَا عَلمتَ قيمةَ كُلِّ مجهولٍ أضفتَ الفَضلَ إلى الأَرفَعِ فَمَا صَارَ فهو قيمتُهُ.
فصلٌ:
فإن أَخَذَ بَعضُ الوَرَثةِ بدينِهِ وميراثِهِ جزَءَاً من الترِكَةِ كَالثُلثِ والرُبعِ ونحوهما فصححِ المسالةَ، وأسقِط مِنهَا سِهَامَ ذَلكَ الوَارثِ فَمَا بقيَ فاضربهُ في مخرجِ الجزُءِ الذي أخَذَُ فأسقِط مِنهُ الجزءَ المأخوذَ الوارثُ، فمَا ارتفَعَ مِنهُ فهو الترَكَةُ ثم ارجع إلى مخرجِ الجزءِ الذي أخَذَهُ فأسقِط مِنهُ الجزءَ المأخُوذَ، فَمَا بقي فاضرِبهُ فِيمَا صَحَّتْ مِنهُ المسألةُ، فما بلَغَ فهو المِيراثُ، ومَا بقِي من الترِكةِ فهو الدَّينُ.

فصلٌ:
فإن قِيلَ لَكَ رَجُلٌ تَرَكَ من الوَرَثةِ كَذَا وكَذَا فَاستَحقَّ بَعضُهُم كذا وكذا دِيناراً كَم كَانَتِ التَرِكةُ، فإِنكَ تَضربُ مَا أخذَهُ منَ المسألةِ وَتَقسِمُ ذلكَ على سِهَامِهِ، فَمَا خَرَجَ فهوَ الترِكَةُ. وإِن شِئتَ ضَرَبتَ مَا أَخذَهُ مِنَ المَسْألَةِ في سِهَامِ الوَرَثةِ وَتَقسِمُ ذَلكَ عَلى سِهَامِهِ، فَمَا خَرَجَ فهو التَرِكَةُ، وَإن شئتَ ضَربتَ ما أخذه في سهامِ الورثةِ ثم قسمّتَ ذَلكَ عَلى سِهَامِهِ فَمَا خَرجَ فهوَ بَاقِي التركةِ فأَضِف إليهَا مَا أُخِذَ تَكُنْ جمُلةَ التَرِكَةِ، وإنِ شِئتَ فاقسِم الدنانيرَ التي أخَذَهَا على سِهَامِهِ، فَمَا خَرجَ ضَربتَهُ في المسألةِ، فَمَا كَانَ فهوَ التركِةُ.
مثالهُ: امرَأةٌ تركتْ زَوْجَاً وَأبوينِ وَابنتينِ فَأَخذَ الزَّوجُ بِمِيرَاثهِ اثنَي عَشَرَ دِينَارَاً كَمْ كَانَتِ الترِكَةُ؟ إنْ شِئْتَ ضَربْتَ الإثنَي عَشَرَ فِي سِهَامِ المَسْألةِ وَهيَ خمسةَ عَشَرَ تَكُنْ مئةً وَثَمَانِينَ فتُقَسِمُّها عَلَى سِهَامِهِ تَخرجُ سِتِينَ فَهيَ الترِكَةُ، وَإنْ شِئتَ ضَرَبتَ اثنَي عَشَرَ فِي سِهَامِ بَاقِي الوَرَثَةِ وَهيَ اثنَا عَشَرَ تَكُنْ مئةً وأربعةً وأربعِيَن فتُقَسِمُّها عَلَى سِهَامِه يخرجْ القِسمُ ثمَانِيةٌ وَأرْبَعُونَ فإذَا أضَفْتَ إليهِ مَا أُخِذَ فَهوَ الترِكَةَ، وَإِنْ شِئتَ قَسَمتَ مَا أَخذَ عَلَى سِهَامِهِ تخرج أربعةُ دنانيرَ فَتضربُهَا في المَسألَةِ تَكُنْ سِتِينَ فَهيَ جُملةُ المسألةِ.

.بَابُ المنَاسَخَاتِ:

مَعنَى المنَاسَخَةِ: أنْ يَمُوتَ الإِنْسَانُ فَلا تُقسَّمُ تَرِكَتهُ حتى يَموتَ بَعضُ وَرَثَتِهِ فَلا يَخْلو أنْ يَكُونَ وَرَثَةُ الثَّانِي يَرثُونَهُ عَلى حَسَبِ مَا كَانُوا يَرِثُونَ الأولَ مِثْلُ: أنْ يَكونوا عُصْبَةً لهمَا، فَإنَّكَ تُقسِمُ التَركَةَ على مَنْ بَقيَ وَلا تَلتَفِتْ إلى الميِّتِ، أو يَكونُ في المَسأَلَةِ مَن يَرِثُ منَ الأولِ دُونَ الثَّانِي فَتُعطِيهِ حَقَهُ، وَاجْعَلِ البَاقِي بَيْنَ وَرَثَةِ الأوَلِ، وَالثاني عَلى مَا ذَكَرْنَا، أو يَكُونَ وَرثَةُ الثاني لا يَرِثُونَهُ عَلى حَسبِ مَا وَرِثَ الأولُ، فإنكَ تُصححُ مسألةَ الأولِ وَتَنْظُرُ سِهَامَ الثاني مِنهَا، فإِن انقَسَمَتْ على وَرَثَتِهِ قسمةً صَحِيحَةً فَقَدْ صَحَّتِ المسألَتَانِ مِمَا صَحَّتْ مِنهُ الأولى، فَمَنْ لَهُ شَيٌ مِنَ الأولى بَاقٍ بِحَالِهِ وَتُضِيفُ إليهِ مَا وَرِثَهُ مِنَ الثاني، فإنْ كَانتْ سِهَامِ الثاني لا تَنقسمُ على مَسألتهِ وَلا تُوافقُهَا، فَصَححِ المسألةَ الثانيةَ ثُمَّ اضربهَا في المسألةِ الأولى، فمَا بَلَغَ صحتْ منهُ المسألتَانِ، ثُمَّ كلُّ مَنْ لَهُ مِنَ المسألةِ الأولى مَضْروبٌ في المَسألةِ الثانيةِ وَمَنْ لَهُ شيٌ مِنَ الثانيةِ مضروبٌ فِيمَا مَاتَ عنهُ الميِّتُ الثاني، فَإِنْ كَانتْ سهَامُ الثاني تُوافِقُ مَسألتَهُ فاضرِبْ وَفقَ مسألتِهِ في المسألةِ الأولى، فَمَا بَلَغَ صَحَّتْ منهُ المسألتَانِ ثُمَّ مَنْ لَهُ شَيءٌ مِنَ الأولى مَضْروبٌ في وَفْقِ الثَّانِيةِ وَمَنْ لَهُ شَيءٌ مِنَ الثَّانِيةِ مَضْرُوبٌ في وَفْقِ ما مَاتَ عنهُ الميِّتُ الثَّاني.
فَصلٌ:
فإنْ مَاتَ ثَالثٌ وَرَابِعٌ وَخَامِسٌ فإنَّكّ تُصححُ المسألتينِ الأُولَيينِ على مَا ذَكَرنَا ثم تَنظُرُ مَا صَارَ لِلثَّالِثِ، فإن انقَسَمَ عَلَى وَرَثتِهِ قِسمَةً صَحِيحَةً فقد صَحَّتِ الثُلُثُ مِمَّا صَحَّت منهُ الأوليانِ وان لم تَصِح، فاضرِبِ المسأَلةَ أو وفقَهَا إن وافَقَت سِهَامَهُ فيما صَحَّت مِنهُ الأولَيانِ، فَمَا بَلَغَ فَمِنهُ تَصِحُ الثُلُثُ وَهَكَذَا تَفعلُ في الرَّابِعِ والخَامِسِ وأكثَرَ من ذلِكَ، فكلُّ مَسأَلةٍ انقَسَمت سَهَامُ المَيِّتِ فيها على وَرَثتِهِ قِسمَةً صحيحَةً، فإنَّكَ لا تَعتَدُّ بها وتضرِبُ مَا قَبلهَا فِيمَا بَعدَهَا، ومن لَهُ شيءٌ مضرُوبٌ فيما خَرَجَ من قِسمَةِ سِهَام ميِّتِهِمْ على مسألتِهِ، ثم في مَسَائِلِ من مَاتَ بَعْدَهُ، وإذا أردَّتَ القِسمَةَ، فكلُّ من لَهُ شيءٌ من الأولىَ مضرُوبٌ في الثَّانيةِ أوفي وفقِهَا، ثم في الثَّالِثَةِ أو في وفقِهَا، ثم في الرَّابِعَةِ أو في وفقِهَا وعلى هذا أَبَداً، وكلُّ من لَهُ شيءٌ من الثَّانيةِ مضرُوبٌ فِيمَا مَاتَ عنهُ الميتُ الثَّاني أو في وفقِهِ ثم فِيمَا بعد من المَسَائِلِ، وكذلِكَ في الرَّابعِ والخامِسِ وما زَادَ.
فَصْلٌ:
وَمَتىَ كَانَ وَرَثَةُ الأولُ لا يرثُونَ من الثَّاني، وَوَرَثَةُ الثاني لا يَرثُونَ من الثَّالِثِ، وَوَرَثَهُ كلِّ ميِّتٍ ينفردُونَ بميراثِهِ لا يُشَارِكُهُم غيرُهُم فيهِ، فإنَّكَ لاَ تحتَاجُ إلى ما ذَكرنَا من العَمَلِ، ولكنَّكَ تُصحِحُ المسأَلةَ الأولَى، ثم تنظُرُ مَا لكلِّ ميِّتٍ منها من السِّهَامِ فَتُقّسمُهُ على مسألتِهِ، فإن لم يَنقَسِمْ قِسمَةً صَحيحَةً جَعَلتَ المَسَائِلَ كُلَّهَا كأعدَادٍ قد انكسَرَت علَيهِم سِهَامُهُم، فَتضَرِب بعضَهَا في بعضٍ إن تَبَاينَتْ، أو وفقَ بَعضِهَا في بعضٍ. إن اتَّفَقَت، فما اجتمَعَ ضَرَبتَهُ في المسألَةِ الأولى، فَمَا بَلَغَ فمنهُ تَصِحُّ المسائِلُ كُلُّهَا، فَإذَا أرَدَّتَ القِسمَةَ فكُلُّ من لَهُ شيءٌ من المسأَلةِ الأولى مضرُوبٌ في العَدَدِ المضرُوبِ في المسأَلةِ الأولى، وكُلُّ من لهُ شيءٌ من الثَّانيةِ مضرُوبٌ فِيمَا مَاتَ عنهُ الميِّتُ الثَّاني ثم في مَسَائِلِ المُتوفينَ بعدَهُ مَسأَلةً بعد مَسأَلةٍ، أو في وفقِ مَا يوافِقُ منها حتَّى يَنتَهِي إلى آخِرِهِم، وكذلِكَ تَفعَلُ بِورِثَةِ كلِّ مَيِّتٍ تضربُ مَالَهُ فيما مَاتَ عنهُ ذلِكَ الميِّتُ، ثم في مسَائِل من مَاتَ معهُ سِوَى المَسأَلةِ الأولى. وفي القِسمَةِ وجهٌ آخَرُ وهو أن تَنظُر كُلَّ من لَهُ شيءٌ من المَسألَةِ الأولى فَتَضربَهُ فيما ضَرَبتَهُ فيها فمَا بَلَغَ فهو لَهُ، فَإن كَانَ حَيِّاً أخَذَهُ وإن كَانَ مَيتَاً قَسَمتَهُ عَلَى مَسأَلَتِهِ، فَمَا خَرَجَ ضَرَبتَهُ في سِهَامِ كُلِّ واحِدٍ مِن وَرثتِهِ.

.بَابٌ في اختِصَارِ مَسَائِلِ المُنَاسَخَاتِ:

وَيَقَعُ الاختِصَارُ في ذَلِكَ من وَجْهَينِ:
أحَدِهِمَا: قَبلَ القِسمَةِ وهو على ما يَثبُتُ لَكَ في أولِ بَابِ المُناسَخَاتِ من أن يَكُونَ وَرَثَةُ الميِّتِ الثَّاني هُم وَرَثةُ الميِّتِ الأولِ، وَوَرَثةُ الميتِ الثالِثِ هُم وَرَثَةُ الثَّاني والأولِ وَوَرَثَةُ كُلِّ ميتٍ وَرَثَةُ مَن قَبلَه لا يُشَاركُهُم في ذَلِكَ غيرُهُم، فإنَّكَ لا تحتاجُ إلى قِسمَةٍ وتنظُرُ إلى آخِرِ من بقيَ، فَتقَسِمُ المالَ بينهُم عَلَى ما يُوجِبُهُ الحالُ، ولا تَعتَدُّ بما كَانَ قَبلَ ذَلِكَ فهذا نَوعُ اختِصَارٍ.
الوجَهُ الثَّاني: يَقَعُ بعد القِسمَةِ وهو أن تُصحِّحَّ المَسَائِلَ ثم تَنظُرَ في سِهَام الوَرَثَةِ إن اتَّفَقَت بجُزءٍ من الأجزَاءِ مِثلَ: أن يَكُونَ لجميعِهَا نِصفٌ صحَيحٌ أو ثُلُثٌ أو ربُعٌ أو خُمسٌ أو مَا كَانَ من الأجزَاءِ، فإنَّكَ ترُدُّ المَسَائِلَ إلى وفقِهَا وتردُّ سِهَامَ كُلِّ وارثٍ إلى ذلك الجُزُءِ فيكُونُ ذلك أخصَرَ لكَ، وكيفيَّةُ الموافقةِ بين سِهَامِ الوَرَثَةِ أنهُ لا تخَلوُ أُصُولُ الأجزَاءِ في الموافَقَةِ من ثَلاَثَةِ أَشَياءٍ يَكونُ عَدَدَاً زَوجٌ أو فردٌ أو أصَمٌّ.فَأصلُ الزَّوج الاثنانِ وأصَّلَ الفَردَ ثَلاَثَةٌ وخمسةٌ وسبعةٌ فَمَتَى أردَّتَ الموافَقَةَ نَظَرتَ في سِهَامِ الوَرَثةِ هل لها نِصفٌ صَحيحٌ أم لا؟ فإن لَمْ تجِد نِصفاً صَحيحَاً عَلِمتَ أنهُ لاَ يكُونُ لَهَا رُبُعُ صحيحٌ، وَلاَ سُدُسٌ صحيحٌ، وَلاَ ثُمُنٌ، وَلاَ عُشرٌ، وَلاَ أجزاءُ اثني عَشَرَ، وَلاَ نسبهٌ من عَدَدٍ زَوجٍ بحالٍ، ثُمَّ تنظُرُ هل لَهَا ثُلُثٌ صحيحٌ؟ فإن لَمْ تجد عَلمِتَ أنَّكَ لاَ تجدُ لَهَا شَفعَاً وَلاَ جُزءاً من أجزَاء ثمانيِةَ عَشَرَ وَلاَ من أجزَاءِ سَبعَةٍ وعِشرينَ وَلاَ مَا يأتلفُ من تَضعيفِ الثَّلاثَةِ ثُمَّ تنظُرُ هل لَهَا خُمُسٌ صحيحٌ؟ فإن لم تجد ما يكون من تَضاعِيفِ الخمسَةِ، كَخَمسَةَ عَشَرَ وعِشرينَ، وما أشبَهَ ذَلِكَ ثم تنظُرُ هل لها سبعْ صَحيحٌ؟ فإن لم تجدهُ لم تجد ما يأتلفُ من تَضعيفِ السَّبعةِ فإن عَدمتَ الموافَقَةَ بأجزَاءِ الزَّوجِ والفَردِ عُدتَ حينئِذٍ إلى طَلَبِ الموَافَقةِ بالأجزَاءِ الصُمَّ كأجزاءِ أحَدَ عَشَرَ، فإن لم تجد لم تَطلُب ما يَكُونُ من تَضَاعِيفِها، ثم تنظُر أجزَاءَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ، فإن لم تجد فَسَبعةَ عَشرَ، فإن لم تجد فأحَدَ وثلاثينَ، فإن لم تجد فَأَربَعينَ، ثم أحَدَ وَسَبعينَ، ثم ثلاثةً وسَبعينَ، ثم ثَلاثَةً وثمانينَ ثم تِسعةً وثمانينَ، ثم سبعةً وتسعينَ وعلى هذا ابدأ كُلَّمَا لم تجد عَدَدَاً لم تَطلُب ما يَكونُ من تَضَاعيفِها، وبمعرفةِ هذا تهونُ عَلَيكَ المُناسخةُ والموافَقَةُ.

.بَابُ قِسمَةِ المُناسَخَاتِ عَلَى حَبَّاتِ الدِّرهَمِ:

وعِلمُ ذَلِكَ أن تُقَسمَ ما صَحَّتْ مِنه المَسَائِلُ عَلَى الدِّرهَمِ فمَا خَرَجَ بالقَسمِ فهو أَجَزاءُ الحَبَّةِ، فإذا أضعَفتَهُ أربَعَ مرَّاتٍ فهو أجزَاءُ القِيراطِ، فإذا أضعَفتَ فَمَا بَلَغَ من ذَلِكَ مَرَّتينِ فهو أجزاءُ الدانِقِ، فَإذَا عَرَفتَ ذَلِكَ نَظَرتَ في سِهَامِ كُلِّ وارِثٍ فَعَزلتَ مِنهُ اجزَاءَ الدوانقِ، ثم أجزَاءَ القِيرَاطِ، ثم أجزَاءَ الحبّةِ، وإن كَانَ في أجزاءِ الحبةِ كسرٌ بَسطَّتَ الحبَّاتِ من جِنسِ ذَلكَ الكسرِ وبَسطَّتَ الفَضلَةَ المنَسُوبَةَ من ذَلِكَ أيضَاً ثم نَسَبَتَها من ذَلِكَ أيضَاً عَلَى مَا بَيّنَاهُ لك، فَافهَم ذَلِكَ مُوفَقاً إن شَاءَ الله تَعَالَى.
تَمَّ الكتابُ بحَمدِ الله وعَونِهِ ومنَهِ وفَضلِهِ، وصَلَوَاتِهِ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبيِّ الرَّسُول الأُمِّي، وعلى آلِهِ الطاهِرينَ وسَلَّمَ تَسلِيمَاً إلى يَوم الدِّينِ، وَرَضيَ الله عن الصحَابةِ والتابِعينَ، وتابِعي التابعيَن وَتَابِعيهِم بِإِحسَانٍ آمِين، ولا حَولَ ولا قُوّةَ إلا بالله العَليِّ العظِيم، وحَسبُنَا اللهُ ونِعمَ الوَكيلِ، تمتْ في العُشرِ الأوسَطِ من ذِي الحجُّةِ، من خَاتمةِ سَنَةِ سَبعٍ وَعشَرٍ وَسَبعِ مِئةٍ، أحسَنُ الله خاتِمَتَهَا ونَفَعَ بِهِ المُسلميَن آمين. عَلَى يدِ العَبدِ الفَقيرِ الرَّاجِي فَضلِ اللهِ وعفوِهِ المذُنِبِ الجَانِي مُحَمُدِ بن عُمرٍ الحرَّانيِّ غفر الله لهُ، ولمن ولكَاَفةِ المُسلِمينَ.